Thursday, December 5, 2019

العاملون الانطوائيون أكثر تأثرا بالضوضاء، بما في ذلك الموسيقى

وأشارت دراسات إلى أن تركيبة أدمغة الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ميزوفونيا تختلف عن تركيبة أدمغة غيرهم. إذ خلصت دراسة أجريت على المصابين بالاضطراب في عام 2017 إلى أن الأصوات تثير ردة فعل أقوى من المعتاد في أجزاء الدماغ المسؤولة عن معالجة المشاعر وتفسير إشارات الجسم، مثل الألم.
وأشارت دراسة أجريت على طلاب الجامعة إلى أن واحدا من بين كل خمسة طلاب يبدي انزعاجا شديدا من بعض الأصوات.
وإذا كنت تشعر أن صوت مضغ زميلك لطعام الإفطار قد يدفعك للصراخ في وسط الغرفة، فقد يشاطرك الرأي العالم تشارلز داروين، والكاتب أنطون تشيخوف، والروائي مارسيل بروست. ولم يكتف بروست بسد جميع الفتحات في جدار مكتبه بالفلين، بل ارتدى أيضا سدادت أذن لمنع الأصوات تماما. وقد يرجع ذلك إلى عدم قدرة المصابين بهذا الاضطراب على تجاهل المثيرات الحسية، مثل الضوضاء، وقد ارتبط هذا الاضطراب بالمبدعين.
إلا أن السمات الشخصية وتركيبة الدماغ لا يؤثران إلا على درجة الانزعاج من الضوضاء، لكن معظم الدراسات أثبتت أن جميع الناس يتحسن أداؤهم للمهام المعقدة في البيئات الهادئة.
ويعزو نيك بيرهام، عالم نفس من جامعة كارديف ميتروبوليتان، ذلك إلى سببين أولا أن الأصوات المختلطة في البيئة المحيطة بك تشبه الأصوات التي تدور في رأسك. ويقول إن بعض المهام تحتاج منا إلى ترديد الكلمات في العقل الباطن دون التلفظ بها، كما هو الحال عندما تحاول استرجاع رقم هاتف شخص ما. ولهذا، فإن أي كلمات أو أحاديث من حولك ستضعف قدرتك على التركيز في أفكارك.
ويرى بيرهام أن السبب الثاني هو أن الطريقة التي تعالج بها أدمغتنا المعلومات التي يتوقف عليها إنجاز بعض المهام تتعارض مع الطريقة التي تعالج بها الضوضاء في البيئة المحيطة.
ويقال إن أدمغتنا كالمساعد الافتراضي الذكي "أليكسا" لا يمكنها تجاهل الأصوات التي تدور من حولنا، حتى لو لم نعرها انتباهنا. فإن آذاننا تصغي دائما للأصوات وترتبها رغم إرادتنا.
وأجرى بيرهام دراسة كلف فيها 36 طالبا بحل مسائل رياضية تتطلب تذكر تسلسل من الأعداد بينما كانوا يسمعون أصواتا تشبه ضجيج المكاتب أو يجلسون في هدوء. واكتشف الباحثون أن الضجيج، على اختلاف مصادره، أدى إلى تدني أداء الطلبة. وخلص الباحثون إلى أن معظم الناس يتحسن أداؤهم عندما يعملون في هدوء، حتى لو كانوا يعتقدون العكس.
وخلصت دراسة أخرى أجراها بيرهام إلى أن المشاركين الذين أدوا مهاما تتطلب تذكر قائمة من المعلومات بالترتيب أثناء الاستماع للموسيقى، حصلوا على درجات أقل مقارنة بنظرائهم الذين أدوها في بيئة هادئة، بغض النظر عن مدى حبهم للموسيقى التي يستمعون لها أو كرههم لها. واللافت أن جميع الطلاب ذكروا أن أداءهم تحسن على أنغام الموسيقى التي يفضلونها، رغم أن الباحثين أثبتوا العكس.
مادامت الضوضاء تؤثر على قدرة جميع الناس على التركيز، حتى لو كنا نعتقد العكس، فإن المساحات المفتوحة في الشركات الحديثة تؤثر سلبا على أداء الموظفين، مهما اختلفت ميولهم.
يقول كورتني فون هيبل، عالم نفس بجامعة كوينزلاند، إن الموظفين لا تفصل بينهم أبواب ولا جدران في بيئات العمل الحديثة، وقد كثرت المشتتات التي تقطع حبل أفكارهم. ويجب أن ندرك أن أداء الموظفين يتفاوت كثيرا في بيئات العمل المفتوحة الصاخبة. ولهذا ينبغي على الشركات أن تخصص مساحات هادئة للأشخاص الذين يؤدون مهاما تتطلب التركيز.
والخلاصة، أن المؤسسات التي تهتم بالتصميمات أكثر من اهتمامها بتهيئة بيئة هادئة خالية من المؤثرات الصوتية، من المرجح أن يتراجع أداؤها.